هل مررتِ بهذا المشهد من قبل؟
يعود ابنك من المدرسة أو من درس خصوصي، وجهه شاحب، وعيناه تملؤها علامات الإحباط. عندما تسألينه عن السبب، يخبرك بدرجاته السيئة في الامتحان، ثم يقول لكِ بمرارة: "لقد ذاكرت بجد يا أمي، لا أعرف ما الخطأ!"
![]() |
طريقة مذاكرة ابنك في الثانوية تحدد درجاته.. دليلك لتفوق ابنك! |
هذا المشهد المؤلم ليس غريباً عليكِ، بل هو قصة تتكرر في بيوت الكثير من أمهات طلاب الثانوية العامة.
عزيزتي الأم، هل تشعرين بالإحباط من درجات ابنك رغم مجهوده الكبير؟
![]() |
أم وطالب ثانوية عامة: قصة إحباط وحلم |
لهذا، قررنا أن نغوص معكِ في تفاصيل هذه المشكلة، خطوة بخطوة
تابعي معنا، فهذه رحلة مهمة سنخوضها معاً.
أولاً: فهم جذور المشكلة: لماذا لا تُجدي طرق المذاكرة القديمة نفعًا في الثانوية العامة؟
للبدء في حل المشكلة، يجب أن نفهم أولاً من أين أتت. غالبًا ما يكون السبب الأساسي في إحباط ابنك هو اعتياده على طرق المذاكرة التي كانت ناجحة في السنوات السابقة، لكنها لم تعد مناسبة للمرحلة الجديدة. السبب لا يكمن في كسله أو في قلة جهده، بل في أن المناهج تغيرت، وطريقة التقييم أصبحت مختلفة تمامًا.
- السبب الأول: عادة السنتين الماضيتين.
عزيزتي الأم، قد يعود أصل المشكلة إلى السنتين السابقتين في حياة ابنك، أي في أولى وثانية ثانوي. في تلك المرحلة، تعود الطلاب على التعامل مع المناهج بشكل سطحي تحت شعار "عدّي" أو "اكبر الجي وعلي الدي"
. هذا الاعتماد على المذاكرة السطحية بهدف النجاح فقط، دون فهم عميق، هو ما يسبب لهم صدمة حقيقية عندما ينتقلون إلى مناهج الثانوية العامة التي تتطلب تفكيراً أعمق .
السبب الثاني: فرق المناهج. في الحقيقة، مناهج ثالثة ثانوي أثقل بكثير من مناهج السنتين اللتين سبقتاهاطرق المذاكرة القديمة: لماذا لم تعد مناسبة؟ . الطالب الذي اعتاد على نظام المذاكرة القديمة، مثل حفظ الملزمة خمس مرات، يطبق نفس النظام في الثانوية العامة، وهذا ما يجعله يتلقى صدمة في الامتحانات . ببساطة، الحفظ لم يعد كافيًا، والمناهج الجديدة تحتاج إلى عقل يفهم ويحلل، لا مجرد عقل يحفظ المعلومات. - السبب الثالث: الصدمة في الامتحانات.
عندما يركز ابنك على الحفظ، يتفاجأ في الامتحان بأن الأسئلة لا تأتي بنفس صياغة الملزمة أو الواجب
. فأسئلة الثانوية العامة أصبحت تعتمد على "الحوارات" والكنايات، وهي مصممة لقياس فهم الطالب وقدرته على التفكير وحل المشكلات . هذا الفرق الجوهري بين ما اعتاد عليه ابنك وما يجده في الامتحان هو ما يجعله يشعر بالإحباط، رغم كل جهده في الحفظ والمذاكرة.
هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعل طرق المذاكرة القديمة غير فعالة. في الفقرة القادمة، سنتعرف على الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الطلاب، وكيف يمكنك مساعدته على تجنبها.
ثانياً: 4 أخطاء قاتلة في المذاكرة: دليلكِ لمساعدة ابنك على تجاوزها
بعد أن فهمنا جذور المشكلة، أصبح من الضروري أن نتعرف على الأخطاء التي قد يقع فيها ابنك أثناء المذاكرة، وكيف يمكنكِ أن تكوني المرشد له لتجاوزها. هذه ليست مجرد أخطاء عادية، بل هي عادات قد تمنع وصوله للدرجات التي يستحقها.
![]() |
أخطاء المذاكرة القاتلة: دليلك لتجاوزها |
- الخطأ الأول: الحفظ بدلاً من الفهم.
أكبر خطأ يقع فيه الطالب هو التركيز على حفظ المعلومة كما هي، بدلاً من فهمها بعمق
. تحدثي مع ابنكِ بصراحة ووضحي له أن امتحانات الثانوية العامة لم تعد تعتمد على "حفظ الملزمة"، بل أصبحت تقيس مدى استيعابه للمعلومات وقدرته على تطبيقها في سياقات مختلفة. شجعيه على طرح الأسئلة، وفهم الروابط بين الأفكار بدلاً من مجرد حفظها. - الخطأ الثاني: التلخيص غير الفعّال.
الكثير من الطلاب يظنون أن تلخيص الملزمة هو خطوة ضرورية، لكن في الحقيقة، التلخيص الذي يقومون به غالبًا ما يكون مجرد نقل للمعلومات الموجودة في الملزمة
. هذا النوع من التلخيص لا يفيد في الامتحان ، لأن الامتحان لا يطلب منه استرجاع التلخيص، بل يتطلب منه تشغيل عقله وتحليل المعلومة. وجهيه إلى أن يكون تلخيصه عبارة عن أفكاره الخاصة، وأن يصوغ المعلومات بأسلوبه الخاص بعد أن يكون قد فهمها جيداً. - الخطأ الثالث: تشتت المدرسين.
هل يتابع ابنك مع أكثر من مدرس لنفس المادة؟
هذا قد يسبب له تشتتًا كبيرًا . تخيلي أن منتخب كرة قدم لديه أكثر من مدرب، وكل مدرب يضع خطة مختلفة . هذه الفوضى ستؤثر على أداء الفريق، وهو ما يحدث بالضبط مع عقل ابنك . ساعديه على اختيار مدرس واحد يثق به، ويرتاح لطريقة شرحه وأسلوب أسئلته، ثم يلتزم معه تمامًا. - الخطأ الرابع: إضاعة الوقت في التسجيلات.
يعتقد بعض الطلاب أن إعادة سماع المحاضرة المسجلة مرة أخرى ضروري، لكن المدرسين يرون أن تضييع الوقت في سماع التسجيلات هو خطأ كبير
. فالطالب لا يحتاج إلى سماع المنهج بقدر ما يحتاج إلى الانتقال إلى "المنطقة الصحيحة في المذاكرة"، وهي حل الأسئلة . شجعيه على استغلال وقته في حل التمارين والتطبيق العملي، فهذا هو الأسلوب الأمثل لتثبيت المعلومات.
تجنب هذه الأخطاء الأربعة هو الخطوة الأولى نحو طرق المذاكرة السليمة. في الجزء التالي، سنتحدث عن الحل الفعال الذي سيساعد ابنك على تغيير مساره نحو النجاح.
ثالثاً: مفتاح النجاح: شجعي ابنك على حل الأسئلة الصعبة!
مفتاح النجاح: قوة حل الأسئلة

الآن بعد أن تعرفتِ على الأخطاء الشائعة، حان وقت الانتقال إلى "المنطقة الصحيحة"، وهي الحل الذهبي لكل المشكلات التي تواجه ابنك. هذه المنطقة تعتمد بشكل أساسي على حل الأسئلة بشكل مكثف
- نوعان من الأسئلة: مهم جداً أن تعرفهما!
علينا أن نوضح لابنك أن هناك نوعين من الأسئلة في رحلته الدراسية
. النوع الأول هو الذي يأتي في الواجبات التقليدية، وغالبًا ما يكون سهلًا ومباشرًا، وهو يُعطى لرفع الروح المعنوية للطالب . هذا النوع قد يسبب ضرراً في النهاية، لأن أسئلة الثانوية العامة تكون مختلفة وأصعب . أما النوع الثاني، فهو الأسئلة التي يتعمد المدرس وضعها لتكون صعبة ومختلفة عن الواجب . هذه الأسئلة التي تحتوي على "حوارات" وكنايات، هدفها تدريب عقل ابنك على التفكير وحل المشكلات . - المهمة الصعبة: "صنفرة العقل المصدّي".
عندما يواجه ابنك هذه الأسئلة الصعبة لأول مرة، قد يشعر بالصدمة والإحباط
. لا تخافي من هذه الصدمة المؤقتة، بل شجعيه على مواجهتها . المدرسون يقولون إن عقل الطالب الذي تعود على الراحة في أولى وثانية ثانوي هو أشبه بـ"جمجمة مصدية" تحتاج للصنفرة . وهذه الصنفرة تحدث فقط من خلال حل الأسئلة . هذه الطريقة هي التي ستعيد تأهيل عقل ابنك وتجهزه للامتحانات النهائية التي لا ترحم.
تذكري، عزيزتي الأم، أن حل الأسئلة هو الأداة الأقوى في يد ابنك لتحقيق التفوق، وهو ما سيجعله ينجح في تجاوز كل العثرات. في الجزء القادم، سنقدم لكِ خطوات عملية لتطبيق هذا الحل.
رابعاً: 5 خطوات عملية لتطبقيها مع ابنك اليوم!
خطوات عملية لنجاح ابنك في المذاكرة

الآن بعد أن أصبح ابنك مقتنعاً بأهمية حل الأسئلة، يأتي دوركِ أنتِ لمساعدته على تطبيق ذلك عملياً. هذه خطوات بسيطة وفعالة يمكنكِ اتباعها معه:
- الخطوة الأولى: الجلوس مع المدرس
شجعي ابنك على عدم الخجل من الجلوس مع المدرس بشكل فردي. فالجلوس مع المدرس وحل سؤال سؤال أمامه هو أفضل طريقة لفهم طريقة التفكير الصحيحة
. هذا اللقاء يتيح له استيعاب "حوارات" المادة بعمق، وتلقي الإرشادات المباشرة التي تساعده على التفكير النقدي. - الخطوة الثانية: كشكول الأسرار:
هذه الخطوة مهمة جداً لضمان عدم نسيان المعلومات. ساعدي ابنك على تخصيص "كشكول أسرار"
، يسجل فيه الأفكار الجديدة، والحلول غير التقليدية، والحيل التي يتعلمها من المدرس أو من حل الأسئلة الصعبة . هذا الكشكول سيكون مرجعًا ثمينًا له في ليالي المراجعة قبل الامتحان. - الخطوة الثالثة: لا للسرعة!
إذا كان ابنك يتابع فيديوهات حل الواجب أو شرح الدروس، فاحرصي على أن ينبه إلى ضرورة عدم تشغيلها على سرعة "2x"
. إن عقل ابنك الذي اعتاد على السرعة في السنوات الماضية لن يستوعب المعلومات بهذه الطريقة . وضحّي له أن التعلم الصحيح يحتاج إلى الهدوء والتركيز الكامل . - الخطوة الرابعة: ساعديه على التركيز:
التركيز التام أثناء المذاكرة هو أساس النجاح
. وفّري لابنك بيئة هادئة بعيدة عن أي مشتتات ، سواء كانت من الأهل أو من أي أنشطة أخرى. تأكدي من أن وقته للمذاكرة هو وقت مقدس، وأن لا شيء يمكنه أن يقطع تركيزه. - الخطوة الخامسة: الاستعانة بالقنوات الخارجية:
شجعيه على الاستعانة بقنوات اليوتيوب التي تحل الكتب الخارجية سؤال بسؤال
. هذه القنوات يمكن أن تكون مصدراً إضافياً لفهم "حوارات المادة" التي ذكرناها سابقاً . هذه الخطوة تكمل ما يتعلمه من المدرس وتجعله مستعدًا بشكل أكبر للامتحان النهائي.
بتطبيق هذه الخطوات الخمس، ستكونين قد وضعتِ ابنك على الطريق الصحيح نحو النجاح.
تذكري: النجاح رحلة وليس محطة!
النجاح في الثانوية العامة: رحلة أم وابنها

في نهاية رحلتنا، تذكري أن طرق المذاكرة الفعالة تحتاج إلى وقت وصبر. عزيزتي الأم، لا تستسلمي إذا رأيتِ ابنك يحقق درجات سيئة في البداية، فتقبّلي هذا الفشل المؤقت وشجعيه على الاستمرار
تذكري دائمًا أن الدرجات السيئة التي يحصل عليها الآن لا تعبر أبدًا عن نتيجته النهائية في امتحان آخر السنة
دوركِ الآن هو أن تكوني الداعم الأول له في هذه الرحلة
إذا وجدتِ هذا المقال مفيدًا، شاركيه مع الأمهات الأخريات ليساعدهن في رحلتهن. وإذا كانت لديكِ أي أسئلة، اتركيها في التعليقات.